روايات نجيب محفوظ تحت النقد
تظل رؤية الأديب العالمي نجيب محفوظ لثورة تموز 1952المصرية ـ بما لها وما عليها ـ محل اهتمام الأدباء والنقاد و السياسيين والمؤرخين ، بل وتفرض نفسها بشدة على مستوى المحافل المختلفة ، ومنها فعاليات المحور الثقافي والسياسي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين ، حيث تناولت ندوة بعنوان"نجيب محفوظ ويوليو" الأربعاء موقف نجيب محفوظ من ثورة تموز من خلال رواية"ميرامار"في ندوة شارك فيها يوسف القعيد وأحمد إبراهيم الفقيه وجمال شقرة. حيث قدم"شقرة"سردا راقيا لمجمل الانتقادات الموجهة إلى جمال عبدالناصر وثورة يوليو - تموز من خلال استقراء روايات نجيب محفوظ عموماً ـ ورواية"ميرامار"على وجه التحديد ، سواء رمزا وتلميحا في رواياته أو تصريحاً في أحاديثه ومسامراته مع « الغيطاني » و "القعيد" و" النقاش".
وتم تلخيص هذه الانتقادات في مجموعة نقاط أهمها غياب الديمقراطية ، وموقف عبدالناصر من أزمة عام 1954 حيث تم قتل الديمقراطية التي ولدت في ثورة 1919 ، وموقف عبدالناصر من حزب الوفد المفضل عند نجيب محفوظ ، وكذلك موقف الثورة من كل التيارات والقوى السياسية والأحزاب المعارضة لها ، والتعذيب الوحشي لمعارضي الثورة ـ كما في فيلم "الكرنك" ، وقرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس ـ حيث يراه محفوظ قراراً متسرعاً جر على مصر الحرب والعدوان ، وسياسة عبدالناصر العربية وتدخله في اليمن ، وحركة عدم الانحياز ، وكذلك هزيمة حزيران في 1967 ـ وهي في الحقيقة مجمل الانتقادات التي وجهها كتاب كثيرون من مختلف القوى والتيارات السياسية.
ثم بدأ جمال شقرة تفنيد هذه الانتقادات موضحاً أن المؤرخ يستند للوثائق والأحداث خلافاً للمبدع الذي يطلق العنان لخياله ، فالديمقراطية التي يتباكى محفوظ عليها قبل - تموز 52 ، كانت ديمقراطية وهمية تحكم من خلال قصر عابدين ، وتداول السلطة كان يجري من خلال أحزاب كلها منبثقة عن حزب الوفد ، ودستور سنة 1923 كان منحة ملكية ، وثبت بالدراسات التاريخية أن الجماهير كانت مهملة والمشاركة في الانتخابات كانت شكلية .
كما يروي عبدالحميد جودة السحار: أن الناس كانت تساق كالبهائم إلى صناديق الانتخابات ، وتغلبت المصالح البريطانية على كل شيء في مصر في تلك الفترة. كما ثبت أن حزب الوفد المفضل لدى محفوظ ـ لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه ـ هذا الحزب عاش 7 سنوات عجافا قبل يوليو - تموز.وحول ديكتاتورية عبدالناصر ، يرى جمال شقرة أن المسألة كانت صراعاً على السلطة بين عبدالناصر ومحمد نجيب الذي التفت حوله كل القوى المعادية للنظام الجديد ، وأشار إلى أنه لا توجد ثورة في التاريخ دعت خصومها للمشاركة في الحكم. ورغم كثرة الانتقادات لثورة تموز إلا أن نجيب محفوظ لم ينكر إنجازاتها بخلاف توفيق الحكيم مثلاً.
document.write('');
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
الأديب يوسف القعيد طرح مشكلة لم تحل ، وهي هل يتم محاسبة الكاتب على آراء شخصياته الروائية السياسية؟ وأخذ مثالا رواية"يوم قتل الزعيم"لنجيب محفوظ والتي جرت كل أحداثها يوم اغتيال الرئيس السادات ، حيث قال محفوظ على لسان محتشمي زايد إنه"لا خلاص إلا بالخلاص من كامب ديفيد" واعتبر أن هذا هو رأي محفوظ نفسه ، لأن محتشمي زايد شخصية وهمية ، ولكن نجيب محفوظ رفض ذلك قائلاً: إنه رأي بطل الرواية وليس رأي كاتبها.
وتساءل"القعيد:"هل نحاسب محفوظ على نصوص رواياته أم على أحاديثه؟ وكذلك مثلاً رفض محفوظ لفكرة عدم الانحياز ورغم ذلك سافر إلي يوغوسلافيا للمشاركة في أحد مؤتمراتها.
"القعيد"كشف عن لقاءات حديثة بين خالد نجل الرئيس عبدالناصر ونجيب محفوظ ظهر خلالها إعجاب عبدالناصر بأعمال محفوظ ، واستمرت العلاقة فترة طويلة مؤكداً أن نقد محفوظ لثورة يوليو - تموز لأنه كان يريد الحرية والديمقراطية ولم يحلم أبداً بعودة الملك مثلاً.
الأديب أحمد إبراهيم الفقيه ، قام بتحليل فني مختصر لرواية"ميرامار" أظهر خلاله أن "محفوظ" غادر مكانه الأليف وهو البيت المصري في معظم رواياته إلى الفندق والشارع في هذه الرواية.. وأضاف الفقيه أن "محفوظ" ولد وفدياً وعاش وفدياً ومات وفدياً. وفي نقده لثورة يوليو - تموز ، هاجم الطحالب البشرية التي استفادت من الثورة وهاجم الاستبداد وقتل الحريات.. وأن محفوظ لم يؤرخ للأحداث وإنما كان ضميراً للأمة. عن الدستور